في عصر تتزايد فيه التحديات البيئية والمسؤوليات الاجتماعية، تبرز المحاسبة المستدامة كأداة استراتيجية لنجاح الشركات، اعتماد هذا النهج يعكس التزام شركتك بالشفافية والاستدامة، كما يعزز ثقة المستثمرين ويُحسن السمعة المؤسسية، إنها خطوة نحو نمو طويل الأمد ومسؤول، وفي هذا المقال سوف نسلط الضوء حول ما هي المحاسبة المستدامة وتعريفها وأهميتها لشركتك.
ما هي المحاسبة المستدامة؟
المحاسبة المستدامة (Sustainability Accounting)، وتُعرف أحيانًا باسم “المحاسبة البيئية والاجتماعية”، هي فرع من فروع المحاسبة يهدف إلى قياس وتحليل وتقرير الأداء البيئي والاجتماعي والاقتصادي للمؤسسات، حيث لا تركز فقط على النتائج المالية، بل تأخذ بعين الاعتبار الآثار غير المالية لأنشطة الشركات مثل الانبعاثات الكربونية، استخدام المياه، المساهمة المجتمعية، حقوق العمال، الحوكمة الرشيدة، وغيرها، فالمحاسبة المستدامة تسعى إلى:
- تعزيز الشفافية والمساءلة.
- دعم اتخاذ القرار الإستراتيجي المستند إلى معايير الاستدامة.
- تقييم الأثر الكلي لأنشطة الشركات على البيئة والمجتمع.
نشأة وتطور المفهوم
ظهر مفهوم المحاسبة المستدامة استجابةً لموجات القلق العالمي من التغير المناخي، التلوث، استنزاف الموارد الطبيعية، والمظالم الاجتماعية، وبدأ تطوره الحقيقي في أواخر القرن العشرين، مع تزايد الضغط من الجهات الرقابية والمجتمع المدني والمستثمرين، فقد تأسست العديد من المبادرات الدولية التي ساهمت في تعزيز هذا التوجه، أبرزها:
- المبادرة العالمية لإعداد التقارير (GRI)
- معايير المجلس الدولي للإفصاح عن الاستدامة (ISSB)
- مبادئ الاستثمار المسؤول (PRI)
- اتفاق باريس للمناخ
- كل هذه الحركات دفعت الشركات نحو الإفصاح عن أدائها البيئي والاجتماعي، وبالتالي تطوير نظام محاسبي قادر على قياس هذه المؤشرات.
أهداف المحاسبة المستدامة
أصبحت المحاسبة المستدامة أداة استراتيجية لا غنى عنها للمؤسسات التي تسعى لتحقيق أداء مالي مسؤول ومتوازن، لم تعد المحاسبة تقتصر على تسجيل المعاملات المالية، بل توسعت لتشمل قياس وتحليل الأثر البيئي والاجتماعي للأنشطة الاقتصادية، تهدف المحاسبة المستدامة إلى تقديم صورة شاملة تساعد أصحاب المصلحة على اتخاذ قرارات مستنيرة تدعم استدامة الأعمال والكوكب في آنٍ واحد:
أولاً: تعزيز الشفافية والمساءلة
تتمثل إحدى أهم أهداف المحاسبة المستدامة في تحقيق الشفافية في الإفصاح عن التأثيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية لأنشطة المؤسسة، من خلال تقارير الاستدامة، يمكن للمستثمرين والعملاء والجهات التنظيمية تقييم مدى التزام المؤسسة بمبادئ التنمية المستدامة، مما يعزز ثقة أصحاب المصلحة ويقلل من المخاطر المرتبطة بضعف الالتزام البيئي أو المجتمعي.
ثانيًا: دعم اتخاذ القرار طويل الأجل
تركز المحاسبة المستدامة على المعلومات غير المالية إلى جانب البيانات المالية، مما يتيح للإدارة اتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة تراعي الأبعاد البيئية والاجتماعية، مثل إدارة الموارد، والحد من الانبعاثات، وتحسين ظروف العمل، هذا التوجه يساعد المؤسسات على تقليل التكاليف المستقبلية المرتبطة بالمخاطر البيئية أو التنظيمية.
ثالثًا: قياس الأثر البيئي والاجتماعي
من بين الأهداف المحورية للمحاسبة المستدامة هو قياس وتقييم الأثر البيئي والاجتماعي للنشاط الاقتصادي، على سبيل المثال، يتم قياس البصمة الكربونية، استهلاك الطاقة، استخدام المياه، وممارسات العمل العادلة، هذا القياس ضروري لتحديد نقاط الضعف، وتحسين الأداء، وضمان الامتثال للمعايير البيئية والاجتماعية العالمية مثل أهداف التنمية المستدامة (SDGs).
رابعًا: دعم التقارير المتكاملة
تهدف المحاسبة المستدامة إلى دمج الأداء المالي وغير المالي في تقارير موحدة ومتكاملة، هذا الدمج يساعد على تقديم رؤية شاملة حول كيفية خلق المؤسسة لقيمة مستدامة عبر الزمن، ويعزز كفاءة التواصل مع أصحاب المصلحة، والتقارير المتكاملة تمثل مستقبل المحاسبة، حيث يتم النظر إلى المؤسسة كوحدة متكاملة تؤثر وتتأثر بعوامل اقتصادية وبيئية واجتماعية متنوعة.
خامسًا: الامتثال للتشريعات والمعايير الدولية
تسعى المحاسبة المستدامة إلى ضمان التزام المؤسسة بالتشريعات والمعايير الدولية الخاصة بالاستدامة، مثل المعايير الصادرة عن مجلس معايير الاستدامة الدولية (ISSB)، ومبادئ المبادرة العالمية لإعداد التقارير (GRI)، الامتثال لهذه المعايير لا يحسن فقط سُمعة المؤسسة، بل يفتح لها فرص استثمارية جديدة ويعزز قدرتها على التوسع في الأسواق العالمية.
أدوات وتقنيات المحاسبة المستدامة
لتنفيذ المحاسبة المستدامة، تعتمد المؤسسات على مجموعة من الأدوات والمنهجيات، منها:
- تقارير الاستدامة: وهي تقارير دورية تتضمن مؤشرات الأداء البيئي والاجتماعي، وغالبًا ما تُعد وفقًا لإرشادات GRI أو معايير ISSB.
- المحاسبة البيئية: تشمل تقييم تكاليف الأثر البيئي، مثل تكاليف التخلص من النفايات أو خفض الانبعاثات.
- تحليل دورة الحياة (LCA): تحليل شامل لتأثير منتج أو خدمة على البيئة طوال دورة حياته.
- مؤشرات الأداء غير المالية (KPIs): مثل استهلاك الطاقة، نسبة النفايات المعاد تدويرها، ساعات التدريب للعاملين، وغيرها.
أمثلة على تطبيقات المحاسبة المستدامة
- شركات الطاقة: تقوم بحساب انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن عملياتها، وتضع استراتيجيات للحد منها.
- شركات التصنيع: تحلل استهلاك الموارد مثل المياه والمواد الخام، وتسعى لتقليل الفاقد وإعادة التدوير.
- المؤسسات المالية: تفحص مدى توافق استثماراتها مع مبادئ الاستثمار المستدام، وتفصح عن المخاطر البيئية والاجتماعية المرتبطة بمحفظتها.
التحديات التي تواجه المحاسبة المستدامة
رغم الفوائد الكبيرة، تواجه المحاسبة المستدامة عددًا من التحديات:
- غياب معايير موحدة عالميًا: رغم وجود مبادرات، إلا أن تفاوت المعايير يجعل من الصعب مقارنة أداء الشركات.
- تكاليف التنفيذ: قد تتطلب أنظمة المحاسبة المستدامة استثمارات كبيرة في التدريب والتقنيات.
- صعوبة القياس الكمي: بعض المؤشرات مثل “الرضا المجتمعي” أو “الأثر على التنوع البيولوجي” يصعب قياسها بدقة.
- الشكوك حول المصداقية: في بعض الأحيان، قد تستخدم الشركات تقارير الاستدامة كأداة تسويقية دون تطبيق حقيقي (ما يُعرف بـ”الغسيل الأخضر”).
أهمية المحاسبة المستدامة في المستقبل
مع تزايد التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، يصبح دور المحاسبة المستدامة أكثر مركزية في بناء مؤسسات مرنة، وشفافة، وذات تأثير إيجابي طويل الأمد، فالمؤسسات التي تتبنى هذا النوع من المحاسبة مبكرًا تُعتبر أكثر قدرة على التكيف مع التحولات التنظيمية والتشريعية، وأكثر جذبًا للمواهب والعملاء والمستثمرين.
كذلك، فإن الحكومات والهيئات التنظيمية باتت تميل نحو فرض الإفصاح الإجباري عن بعض المؤشرات غير المالية، مما يجعل المحاسبة المستدامة ضرورة تنظيمية وليست خيارًا.
منصة إتقان تقود التحول نحو المحاسبة المستدامة
برزت منصة إتقان كأحد الرواد في تمكين المنشآت التجارية من التحول المحاسبي السحابي المستدام، حيث من خلال منظومة متكاملة من الأدوات التقنية الحديثة مثل نظام NOMO POS ونظام ERP السحابي، تقدم إتقان حلولًا ذكية تساهم في تحسين الكفاءة، وتعزيز الشفافية، ودعم الامتثال الضريبي في بيئة عمل مرنة وآمنة.
نظام NOMO POS بداية ذكية لأعمالك التجارية
إن بدء مشروع تجاري اليوم يتطلب أدوات رقمية مرنة وسريعة، وهنا يأتي دور نظام نقاط البيع NOMO POS، الذي صممته إتقان بعناية ليلائم مختلف القطاعات التجارية، كونه نظامًا سحابيًا متعدد المنصات (ويب، iOS، Android)، فهو يتيح لك التحكم الكامل في عمليات البيع من أي مكان وفي أي وقت، أبرز مزاياه:
- واجهة استخدام سهلة وسلسة.
- تكامل مباشر مع أنظمة الفوترة والمخزون.
- دعم كامل لضريبة القيمة المضافة.
- سرعة في أداء العمليات وتوفير الوقت.
نظام ERP السحابي.. إدارة شاملة مهما كان حجم مؤسستك
يمثل نظام ERP السحابي من إتقان العمود الفقري لأي منشأة تبحث عن الإدارة المتكاملة لأعمالها، فقد صُمم النظام ليغطي جميع الجوانب المالية والإدارية، بدءًا من المحاسبة والمخزون، مرورًا بالأصول الثابتة، وصولًا إلى إعداد التقارير المخصصة، ومزايا النظام:
- يدعم المرحلتين الأولى والثانية من الفوترة الإلكترونية.
- نظام قابل للتخصيص حسب احتياجات كل عميل.
- تقنية السحب والإفلات في إنشاء التقارير.
- إدارة دقيقة للأصول والمصاريف والإهلاك.
- أداة فعالة لطباعة وتطبيق الباركود على المنتجات.
لماذا تختار إتقان؟
لأن الإتقان ليست مجرد نظام محاسبي، بل شريك استراتيجي لنمو عملك، حيث تُمكنك المنصة من إدارة عملياتك المالية والضريبية بأقصى درجات الكفاءة من خلال:
- واجهة استخدام سهلة تدعم جميع فئات المستخدمين.
- مرونة عالية في تخصيص النظام حسب حجم وطبيعة نشاطك التجاري.
- دعم فني محترف متاح على مدار الساعة عبر الهاتف والدردشة والبريد الإلكتروني.
- جودة وخبرة متراكمة في مجال الحلول المالية الرقمية.
أهم الأسئلة الشائعة حول ما هي المحاسبة المستدامة
1- ما الفرق بين المحاسبة التقليدية والمحاسبة المستدامة؟
المحاسبة التقليدية تركز على البيانات المالية فقط، بينما المستدامة تشمل الأثر البيئي والاجتماعي أيضًا.
2- لماذا تحتاج الشركات إلى المحاسبة المستدامة؟
لتحقيق الشفافية، الامتثال التنظيمي، وجذب المستثمرين المهتمين بالاستدامة.
في ظل التغيرات العالمية المتسارعة، لم يعد السؤال المطروح مجرد كيفية تحقيق الأرباح، بل كيف نحققها دون الإضرار بالكوكب أو المجتمع، وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال جوهري، ما هي المحاسبة المستدامة؟ إنها ببساطة أداة حديثة تعيد تعريف مفهوم النجاح المؤسسي، عبر دمج الأبعاد البيئية والاجتماعية ضمن إطار المحاسبة التقليدية، ومن خلال تبني هذا النهج، تصبح المؤسسات أكثر وعيًا بتأثيرها الشامل، وأكثر استعدادًا لمواجهة تحديات المستقبل.
اقرأ ايضا: